السبت، 8 أغسطس 2015

بيت المونة الشامية





ما أغلى من الولد على ست البيت السوريّة إلا بيت المونة خاصتها الذي ترعاه ولا يهنأ بالها حتى تملأه باللذائذ والخيرات من ما ستتباهى به على سفرتها، فتجفف بعض الخضروات والبقوليات وتنظمها في خيط، وتخلل بعضها في (اطرميزات) الزيت وتصنع المربيات وترش الأجبان بحبة البركة وتحفظ كرات اللبنة والجبن. 
قائمة لا تنتهي من الأطايب؛ يبدأ موسمها في فترة محددة من السنة ليمتلىء بيت المونة بها محفوظة كغرفة تبريد عملاقة تكون في قبو البيت لتموّل المطبخ وسفرته طيلة العام. 


كان "رب البيت" بالاتفاق مع زوجته "ست البيت" يقومان بتقدير الحاجة السنوية من أساسيات الأغذية التي من خلالها تشتق مكونات الأكلات. فبعد تقدير كمية الحنطة والبرغل اللازمين؛ تقوم ربة المنزل بعمل المصنع فتطحن وتنقي وتطبخ ثم تجفف لتطحن مرة اخرى ثم تحفظ ( الناعم منه والخشن كلٌ على حدة ) تحفظه في كناديج موجودة في بيت المونة و الكناديج وعاء خشبي على شكل متوازي أضلاع له فتحة من أسفله يمكن سكب الحبوب من خلالها. هذه عملية كاملة لحفظ الحبوب فقط. ومثل جودة صنعها يكون للحليب حتى تخرج منه الكشك وكرات اللبنة والجبن. وقد يقدد اللحم ويجفف و تطبخ الفواكه لتصبح مربيات و تجفف أوراق الزعتر و يكبس الزيتون و تصنع أنواع الدبس وعلى رأسها دبس البندورة ودبس الزبيب. 


لمْ تكن فتة الباذنجان والحمص بالقاورما وحراق اصبعو والمجدرة والمكدوس والمخللات واليالنجي وقائمة لا تنتهي مما يثير الشهية دائماً من أطيب فنون المأكولات وأكثر الأطباق نكهة ولذّة، لمْ تكن مميزة هكذا! بل كان يُعد لها ويُستعد لها في بيت المونة، المخبأ السرّي الذي يعبق برائحة مطبخ الشام.